السبت، 23 نوفمبر 2019

بحث جامعي بعنوان القلق وعلاقته بالإكتئاب عند المراهقين








(القلق وعلاقتـه بالاكتئاب عند المراهقين)



يهدف هذا البحث إلى الكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب لدى المراهقين من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في مدارس مدينة دمشق الرسمية، كما يهدف إلى معرفة الفروق بين المراهقين في القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب تبعا ً لمتغير الجنس ذكور وإناث.
وقد تكونت عينة البحث من(655) طالبا ً وطالبة من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي موزعين إلى (303) ذكور و(352) إناث، تم اختيارهم بطريقة عشوائية طبقية من مدارس مدينة دمشق الرسمية. وط ُبق عليهم اختبار حالة وسمة القلق للكبار STAI من إعداد عبد الرقيب أحمد البحيري 2005 واختبار الشعور بالاكتئاب لدى المراهقين من759

يصف كثير من الناس عصرنا الحالي بأنه عصر القلق والتوتر على المستويين الفردي والجماعي، لأنه عصر يتميز بأنه ذو إيقاع سريع، شديد التقلـب، كمـا تكثـر فيـه الصراعات والتوترات والضغوط النفسية، وهناك ثمة اتفاق بين المشتغلين بعلم النفس والطب النفسي في أن القلق يمثل عصب الحياة النفسية السوية وغير الـسوية، و ُيعد المدخل الجوهري لدراسة الصحة النفسية للإنسان. 
ويعد مفهوم القلق Anxietiesty من المفاهيم التي نالت حظا ً وفيرا ً في الدراسات النفـسية، ومن هنا فقد تعددت تعريفات هذا المفهوم، إلا أنه يمكننا تلخـيص هـذه التعريفـات بتعريف ٍ واحد وهو أن القلق " خبرة انفعالية غير سارة، يـشعر بهـا الفـرد عنـدما يتعرض لمثير مهدد أو مخيف، أو عندما يقف في موقف صراعي أو إحباطي حـاد، وكثيرا ً ما يصاحب هذه الحالة الانفعالية بعض المظاهر الفيزيولوجية، مثـل ازديـاد ضربات القلب وزيادة التنفس وارتفاع ضغط الدم وفقدان الشهية وزيادة إفراز العـرق والارتعاش في الأيدي والأرجل، كما يتأثر أيضا ً إدراك الفرد للموضوعات المحيطـة به في موقف القلق )عبد المعطي: 1996، ص 17 ; الجزائري:2004، ص19 . والقلق إما أن يكون حالة أو سمة، ويتضمن قلـق الحالـة
 Anxiety State لبعـض التغيرات الفيزيولوجية، 
وهي خبرة عابرة تتفاوت من حيث الشدة من وقت لآخر، أما إذا استخدم مصطلح القلق في وصف السمة الرئيسية لشخصية الفرد، كان معناه سـمة القلق Anxiety Trait أي أن الفرد يخبر حالة القلق بصورة مزمنة تسمح بأن يقـال عنه بأنه يتسم بسمة القلق، ويتضمن القلق أعراضا ً متنوعة مثـل بـرودة الأطـراف وتصبب العرق والاضطرابات المعوية واضطرابات النوم والصداع وفقـدان الـشهية وسرعة ضربات القلب واضطرابات التنفس والخوف الشديد، وتوقع الأذى والمصائب وعدم القدرة على تركيز الانتباه والإحساس الدائم بتوقع الهزيمة والعجـز والاكتئـاب
(1126.Hanton et al,2002,P ; السنباري: 2002، ص 61)
ويعد القلق والاكتئاب من أهم الاضطرابات النفسية شيوعاً عند الأطفال والمـراهقين، وهناك العديد من الدراسات الأجنبية التـي حاولـت دراسـة الفـروق بـين هـذين الاضطرابين وإمكانية الفصل بينهما وتمييزهما عن بعضهما بعضا ً من هذه الدراسات دراسة كـلارك وسـتير وبيـك 1994 ,Clark, Steer, & Beck ودراسـة ويكـار وكراسكي 1997 ,Miles et al,2004,P.691( Waikar & Craske).
ويعد الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية شيوعا ً في العالم كله وذلك ما أكدتـه الأبحـاث العالمية في هذا المجال وترى منظمة الصحة العالمية أنه سوف يحتل المرتبة الثانيـة مـن أهم أسباب الوفاة والإعاقة في العالم بعد أمراض القلـب بحلـول عـام 2020 ويعـرف الاكتئاب بأنه "حالة انفعالية وقتية أو دائمة يشعر فيها الفرد بالانقباض والحـزن والـضيق وتشيع فيها مشاعر الهم والغم، وتصاحب هذه الحالة أعراض محددة متـصلة بالجوانـب المزاجية والمعرفية والسلوكية والجسمية (هندية:2003،ص 8; موسى: 2005، ص21) 


ويعد هذا البحث محاولة علمية لدراسة العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصـفه سمة وبين الاكتئاب عند المراهقين واقتناعا ًمن الباحثة بأهمية هذا الموضوع الحيوي فقد شاءت أن تتناوله بالدراسة المعمقة. 

الدراسات السابقة:
لم تعثر الباحثة على دراسات عربية تناولت موضوع البحث علاقة القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة بالاكتئاب لدى المراهقين، وإنما وقعت على بعض الدراسات التي درست القلق والاكتئاب عند الراشدين، من هذه الدراسات:
أ- الدراسات العربية: ß دراسة أمل الأحمد (2001):
عنوان الدراسة ومكانها: حالة القلق وسمة القلق وعلاقتهما بمتغيري الجنس والتخصص العلمي. أجريت الدراسة في سوريا.
هدف الدراسة: الكشف عن طبيعة العلاقة الارتباطية بين كلٍ من سمة القلق وحالة القلق ومتغيري الجنس والتخصص العلمي، بالإضافة إلى الكشف عن الفروق في سمة القلق وحالة القلق بين الطلبة في كليات الآداب، الحقوق، الهندسة المدنية، وطب الأسنان من جهة، وإلى تحديد الفروق كذلك بين الذكور والإناث في هذه الكليات.
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من مجموعات أربع، تراوح عدد أفراد المجموعة الواحدة بين (66 -72) طالبا ً وطالبة (163) ذكورا ً، (115) إناثا ً أي (278) للعينة عامة ً في مدينة دمشق.
أدوات الدراسة: 
استخدمت الباحثة مقياس قائمة القلق الذي يتألف من مقياسين فرعيين هما حالة القلق وسمة القلق (State Trait Anxiety inventory)STAI التي وضعها سبيلبرجر وزملاؤه Spielbergr et al،1983 ونقلها إلى العربية الدكتور عبدالرقيب أحمد البحيري 1984.
نتائج الدراسة: أشارت النتائج إلى عدم وجود علاقة ارتباطية بين متغيرات البحث في الكليات الأربع، بالإضافة إلى عدم وجود تأثيرٍ دال لمتغيـري الجـنس والتخـصص العلمي في كلٍ من سمة القلق وحالة القلق مع ارتفاع مستوى القلق لدى أفراد العينـة بشكلٍ عام ولاسيما لدى الإناث.
دراسة سماح أحمد الذيب و أحمد محمد عبد الخالق عام (2006): عنوان الدراسة ومكانها: زملة التعب المزمن وعلاقتها بكل من القلق والاكتئاب لدى عينة من طلاب جامعة الكويت. أجريت الدراسة في الكويت.
هدف الدراسة: تحديد معدلات انتشار زملة التعب المزمن، وبحث العلاقة بين التعب والقلق والاكتئاب وفحص الفروق بين الجنسين في كلٍ من زملة التعب المزمن والقلق والاكتئاب.
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من (1364) طالبا ً وطالبة (686) من الذكور و(678) من الإناث من مختلف كليات جامعة الكويت، تراوحت أعمارهم بين (18- 37) سنة.
أدوات الدراسة: استخدمت الدراسة المقياس العربي لزملة التعب المزمن من تأليف الباحثين 2004، ومقياس الكويت للقلق من إعداد أحمد محمد عبد الخالق 2000، ومقياس الاكتئاب الصادر عن مركز الدراسات الوبائية.
نتائج الدراسة:
 أسفرت نتائج الدراسة عن وجود فروق دالة إحصائيا ً في معدلات انتشار زملة التعب المزمن بين الجنسين كما كشفت الدراسة عن وجود ارتباطات موجبة ومرتفعة بين كلٍ من زملة التعب المزمن والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في القلق والاكتئاب تعزى لمتغير الجنس لصالح الإناث القلق وعلاقتـه بالاكتئاب عند المراهقين دراسة ميدانية ارتباطية لدى عينة من تلاميذ الصف التاسع دراسة بدر محمد الأنصاري وعلي مهدي كاظم عام (2007): عنوان الدراسة ومكانها: الفروق في القلق والاكتئاب بين طلاب وطالبات جامعتي الكويت وجامعة السلطان قابوس. أجريت الدراسة في الكويت وعمان
هدف الدراسة: معرفة نسبة انتشار القلق والاكتئاب بين الطلاب والطالبات في جامعة الكويت وجامعة السلطان قابوس، بالإضافة إلى الكشف عن الفروق بين الجنسين في كلٍ من القلق والاكتئاب
عينة الدراسة: 
تكونت عينة الدراسة من (1870) طالبا ً وطالبة (952) من جامعة الكويت و(918) من جامعة السلطان قابوس، تراوحت أعمار العينة الكويتية (20.10) سنة، والعينة العمانية (23.63) سنة.
أدوات الدراسة:
 استخدمت الدراسة مقياس الكويت للقلق من إعداد أحمد محمد عبد الخالق 2000، وقائمة بيك الثانية للاكتئاب 1996
نتائج الدراسة: 
أسفرت نتائج الدراسة عن وجود فروق دالة إحصائيا ً بين الطلاب والطالبات في القلق والاكتئاب، وذلك لصالح الإناث.
ب- الدراسات الأجنبية: دراسة بيتر بايلنغ وآخرون Peter Bieling et al عام (1998):
عنوان الدراسة ومكانها: قائمة حالة وسمة القلق STAI نسخة السمة: إعادة فحص البناء والمضمون. أجريت الدراسة في ولاية فيلادليفيا في أمريكا.
هدف الدراسة:هدفت الدراسة إلى الكشف عن قدرة قائمة حالة وسمة القلق STAI في قياس القلق، بالإضافة إلى الكشف عن قدرة نسخة سمة القلق في قياس الاكتئاب لدى عينة تعاني من أنواع مختلفة من القلق. 
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من (261) من الذكور والإناث المرضى بالقلق تم أخذهم من عيادة لعلاج القلق في معهد الطب النفسي بفيلادليفيا، وقد تراوحت أعمارهم بين (18-65) سنة.
أدوات الدراسة: 
استخدمت الدراسة قائمة حالة وسمة القلق State Trait Anxiety inventory (STAI) لسبيلبرجر وزملائه Spielbergr et al ،1983واختبار الاكتئاب والقلق والضغط للوفايبوند Lovibond،1995 وقائمة بيك وستير للقلق & Beck .1979، Beck et al 1990وقائمة بيك وآخرون للاكتئاب ،Steer
نتائج الدراسة:  أشارت نتائج الدراسة إلى قدرة قائمة حالة وسمة القلق STAIفي قياس القلق، كما أشارت النتائج أيضا ً إلى أن المفحوصين الذين حصلوا على درجات عالية على اختبار سمة القلق حصلوا على درجات عالية في اختبار الاكتئاب وهذا يدل على وجود علاقة ارتباطية موجبة بين سمة القلق وبين الاكتئاب.دراسة هيلين ميلز وآخرون Helen Miles et al عام  (2004)
عنوان الدراسة ومكانها: 
الإدراكات المعرفية لاستعادة الأحداث الماضية والتأمل فيها والتطلع إلى المستقبل عند المراهقين: القلق والاكتئاب والشعور السلبي والإيجابي. أجريت الدراسة في أمريكا
هدف الدراسة:
 هدفت الدراسة إلى فحص العلاقة بين الذكريات السلبية والذكريات الإيجابية وبين الشعور بكلٍ من القلق والاكتئاب عند المراهقين
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من (123) مراهقا ً ومراهقة، وقد تراوحت أعمارهم بين(11-16) سنة بمتوسط عمري قدره (13.55) سنة.
أدوات الدراسة: استخدمت الدراسة اختبار الشعور بالاكتئاب CDI-S لكوفاكس Reynolds & واختبار الشعور بالقلق لراينولدز وريتشموند Kovacs, 1980
القلق وعلاقتـه بالاكتئاب عند المراهقين دراسة ميدانية ارتباطية لدى عينة من تلاميذ الصف التاسع...
1978,Richmond واختبار الشعور السلبي والإيجابي لواطسن وكلارك وتلجن 1988,Watson, Clark & Tellegen وقائمة التفكير بالمستقبل لماكلود وآخرين .Macleod et al,1997
نتائج الدراسة: 
أشارت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة بين القلق والاكتئاب وبين الذكريات السلبية لدى المراهقين، كما أشارت النتائج أيضا ً إلى وجود علاقة ارتباطية موجبة بين القلق والاكتئاب، فالمراهقون الذين حصلوا على درجات عالية في القلق حصلوا أيضا َ على درجات عالية في الاكتئاب.
 دراسة باتريسيا فوجيك وآخرون Patricia Vuijk et al عام (2007):
عنوان الدراسة ومكانها: فحص طرق الجنس المحدد من ضحايا الأقران في كلٍ من القلق والاكتئاب عند المراهقين في مرحلة المراهقة المبكرة من خلال تجربة عشوائية. أجريت الدراسة في هولندا.
هدف الدراسة: هدفت الدراسة إلى فحص الفروق بين الجنسين في دور كلٍ من ضحايا الأقران الجسدي والعلائقي في الشعور بالقلق والاكتئاب عند المراهقين في مرحلة المراهقة المبكرة.
عينة الدراسة: تكونت عينة الدراسة من عينة عشوائية وعددها (448) مراهقا ً ومراهقة في مرحلة المراهقة المبكرة، وقد تراوحت أعمارهم بين(7-13) سنة.
أدوات الدراسة: اعتمدت الدراسة على تقارير المدرسين لأعراض القلق والاكتئاب التي يلاحظونها لدى المراهقين، كما ط ُلب من المراهقين أيضا ً كتابة تقارير ذاتية عن مدى شعورهم بالقلق والاكتئاب من جراء تعرضهم للإيذاء الجسدي والعلائقي من قبل أقرانهم في المدرسة
نتائج الدراسة: أشارت نتائج الدراسة إلى أن المراهقين الذكور حصلوا على درجات أعلا من الإناث في تعرضهم للإيذاء الجسدي من قبل أقرانهم، بينما لم توجد فروق بين الجنسين في تعرضهم للإيذاء العلائقي من قبل الأقران، هذا وأشارت نتائج الدراسة أيضا ً إلى أن الإناث حصلوا على درجات أعلا من الذكور في شعورهم بكلٍ من القلق والاكتئاب
تعليق على الدراسات السابقة:
أكدت نتائج الدراسات السابقة العربية على وجود فروق في الشعور بالقلق والشعور بالاكتئاب تبعا ً لمتغير الجنس، في حين أشارت نتائج الدراسات السابقة الأجنبية إلى وجود علاقة ارتباطية بين القلق والاكتئاب، بينما لم تهتم الدراسات السابقة العربية والأجنبية على اختلافها بدراسة العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة في علاقته بالاكتئاب لدى المراهقين، ويتميز البحث الحالي عن الدراسات السابقة بأنه من الدراسات الأولى التي بدأت بالكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة في علاقته بالاكتئاب لدى المراهقين..

مشكلة البحث:- 
يُعد البحث الحالي محاولة للكشف عن العلاقة بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصـفه سمة وبين الاكتئاب لدى المراهقين، ومعرفة مستوى الشعور بكلٍمن هذه المتغيـرات لدى المراهقين من الجنسين، لاسيما وأن معظم الدراسات الأجنبية لم تعـطِ الأهميـة الكافية لدراسة العلاقة بين القلق والاكتئاب إلا في أواخـر الثمانينيـات مـن القـرن الماضي، حيث ركزت أغلب هذه الدراسات على دراسة العلاقة بين القلق والاكتئـاب. 
بهـــدف الكـــشف عـــن أوجـــه التـــشابه والاخـــتلاف بينهمـــا
 1997,Wolman & Stricker,1990-Silverstein & Blumenthal، هذا بالإضـافة إلى أن أغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية تركزت حول القلق والاكتئاب عنـد الراشدين مع إغفالها للمراحل الأخرى من النمو كالمراهقة ) عبد االله الـسيد عـسكر وعماد علي عبد الرزاق 1998 محمد حسن غانم 2002 سـهير فهـيم الغباشـي 2000 بدر محمد الأنصاري 2003 مريم حسن علي اليماني وأحمد محمد عبـد الخالق 2004 سماح أحمد الذيب وأحمد محمد عبد الخـالق 2006 بـدر محمـد الأنصاري وعلي مهدي كاظم 2007 ) 

وقد اختارت الباحثة مرحلة المراهقة المبكـرة نظرا ً لأنها تُعد مرحلة حرجة تتميز بالتناقضات وعدم الاتزان الانفعـالي والحـساسية الزائدة لجميع المؤثرات الخارجية، فالمراهق هنا يشعر بالحزن والضيق والملل نتيجة ً لرهافة مشاعره وأحاسيسه والتي يمكن جرحها بسهولة في هـذه المرحلـة العمريـة الحساسة والتي تتميز بالقلق والتوتر، مما يؤثر بدوره على شـعور المراهـق بـالقلق والاكتئاب.
ولقد كان من بين المسوغات التي دفعت الباحثة للقيام بهذا البحث أيـضا ً اطلاعهـا علـى أحدث الدراسات والبحوث النفسية الأجنبيـة ) Irons & Gilbert,2005 - Helen Miles - Salman Elbedour et al,2007 - Kirstin Greaves-Lord et al, 2004 ،et al 2007 ,Patricia Vuijk et al 2007( والتي بدأت تتـصدى مـؤخرا ً لدراسـة القلـق والاكتئاب عند المراهقين، فعلى الرغم من أن مفهومي القلق والاكتئـاب قـد نـالا مـن الدراسات والبحوث النفسية ما جعلهما يثيران اهتمام جميع الباحثين وعلماء النفس، إلا أن دراسة هذين المفهومين عند المراهقين تحديدا عند حديثا ً نوعا ً ما..
فالكثير يطلق على عصرنا هذا عصر القلق حيث أصبح السمة الـسائدة التـي تميـز حياتنا، فالأطفال يقلقون والمراهقون يقلقون والكبار يقلقون فجميعنا نشعر بالقلق، فنحن قلقون لأسباب تتعلق بالماضي وخبراته السلبية، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالحاضـر وضغوطه ومشكلاته، ونحن قلقون لأسباب تتعلق بالمستقبل وتغيراته والمجهول الذي يكتنفه، كل هذا من شأنه أن يعيق قدرتنا على التوازن النفـسي الـسليم، فكيـف إذن بالمراهق والذي يمر بأخطر مرحلة في حياته قد تجعله يعاني الكثير مـن المـشكلات النفسية، وهذا ما أكدته الزيارة الميدانية التي قامت بها الباحثة إلى عددٍ مـن مـدراس التعليم الأساسي الحلقة الثانية (رشدي الشمعة، ابن الأثير، ساطع الحصري، ابن سينا)حيث أكد المرشدون النفسيون في مقابلةٍ غير مقننة وجود نسبة ً لا بأس بها تعاني مـن مشكلاتٍ نفسية متعددة (كـالخوف والقلـق والخجـل والـضغط والتـوتر النفـسي والاكتئاب... إلخ).
واستنادا ً إلى ما سبق فقد شعرت الباحثة بمشكلة البحث ووجدت أن الموضوع يستحق الدراسة العلمية الدقيقة،


 ومن هنا يمكننا تحديد مشكلة البحث بالسؤال التالي:
ما طبيعة العلاقة الارتباطية بين الشعـور بالقلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الشعور بالاكتئاب؟ وهل هناك فروق في هذه المتغيرات لـدى تلاميذ الـصف التاسع- حلقة ثانية (14- 15سنة) من التعليم الأساسي في مدارس محافظة دمشق. 


أهمية البحث:-

 تنبع أهمية البحث من نقاط عدة أهمها:
1- أهمية الموضوع نفسه، حيث يعد كلٍ من الشعور بالقلق والاكتئاب مـن أخطـر المشاكل النفسية التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته، لدرجة أن العديـد مـن الباحثين وعلماء مدارس علم النفس يرون أن القلق هو المحرك الأساسي لكل سلوك سوي أو مرضي عند الإنسان، في حين أن الاكتئاب يعيق الإنـسان عـن عمليـة التكيف النفسي السليم.  


أهداف البحث:-
يهدف البحث الحالي إلى:
 1- الكشف عن نسبة انتشار كلٍ من القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة والاكتئاب لدى المراهقين.
 2- الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبـين الاكتئـابلدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الذكور.
 3- الكشف عن الارتباط بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبـين الاكتئـاب لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي الإناث.
 4- الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في كلٍ من القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة في ضوء متغير الجنس.
 5- الكشف عن الفروق بين تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في الاكتئاب في ضوء متغير الجنس. 
فالقلق والاكتئاب يمثلان خبرة غير سارة يخبرها الفرد، كما أن أعراضهما تُعد متشابكة إلى حد كبير من القلق وعلاقتـه بالاكتئاب عند المراهقين دراسة ميدانية ارتباطية لدى عينة من تلاميذ الصف التاسع... ثانيا ً: لم تبين نتائج البحث وجود فروق بين الذكور والإناث في القلق بوصفه حالة، ولعل ذلك يرجع إلى ما يتعرض له الذكور والإناث من الضغوط المدرسية المتماثلة، أو قد يرجع ذلك إلى طبيعة الواقع الاجتماعي المتشابه الذي يعيشه كل من الذكور والإناث، وقد يعود إلى نوع التدعيم الذي يناله كل من الذكور والإناث، حيث إن هذا التدعيم واحد لا يختلف باختلاف الجنس (إسماعيل والنفيعي: 2001، ص145). وتتفق هذه النتيجة مع ماأكده كولبرج Kohlberg " من أن الاختلافات بين الجنسين لا يمكن أن تعزى إلى متغير الجنس، بل إنها تختفي عندما يتساوى نظام التربية بين الذكور والإناث" (195.Sprint et al,1994,P).

 بينما بينت نتائج البحث وجود فروق بين الذكور والإناث في القلق بوصفه سمة وذلك لصالح الإناث، 
وتتفق هذه النتيجة مع نتائج معظم الدراسات السابقة مثل: (شعبان:1994) (الأحمد:2001) (الذيب وعبد الخالق:)2006(الأنصاري وكاظم:2007()Vuijk et al,2007(
ويمكن تفسير هذه النتيجة بأن الإناث أكثر قلقاً بوصفه سمة من الذكور وذلك لأن طبيعة الأنثى تختلف عن طبيعة الذكر، بالإضافة إلى اختلاف أساليب التنشئة لك ٍل من الذكور والإناث وخاصة في بيئتنا ٍ العربية، حيث ُينظر إلى الأنثى نظرة ً خاصة، وبأن لها دورا ً يختلف عن الذكر، فهي يجب أن تكون أكثر تحفظا ً في تصرفاتها، وأقل حرية ً من الذكر، ومن ثم فهي تعاني من القلق بوصفه سمة بدرجة أكبر من الذكر. (خليل:1994، ص ص236 -237)

كما أن الذكر أكثر قدرة على استخدام الحيل الدفاعية للتخلص من القلق والتوتر الناجمين عن الأزمات والضغوط التي يواجهها، وأنه أكثر نضجا ً انفعاليا ً من الأنثى (الزعبي:1997، ص122)
ثالثا ً: بينت نتائج البحث عدم وجود فروق بين الذكور والإناث في الاكتئاب، وهذه النتيجة تتفق مع معظم الدراسات السابقة مثل دراسة (الذيب وعبد الخالق:2006) الأنصاري وكاظم:2007( .(1990,Fleming & Offod(2007) ..

    كما تتفق هذه النتيجة مع نتائج العديد من الدراسات السابقة والتي يمكن أن نستشهد بها وهي ان الإناث أكثر شعورا ً بالاكتئاب من الذكور، ويمكن أن يعزى هذا الاختلاف حسب ما ترى لويس, إلى أن الأنثى عموماً أكثر حساسية ورهافة من الذكر، وأكثر خضوعاً للآخرين منه ..
مما يعلل إصابتها بالاكتئاب أكثر من الذكر، فالإناث يتفوقن على الذكور في اختبارات الاكتئاب، لأن الأنثى أكثر تحملا ً للاكتئاب من الذكر. 

فالاكتئاب بالنسبة لها يحدث نتيجة لأسبابٍ شخصية في علاقاتها مع الآخرين، بينما يحدث الاكتئاب لدى الذكر نتيجة ً لأسبابٍ تتعلّق بالإنجاز، فالإناث ونتيجة لشعورهن بالعجز، فإنهن يظهرن الاكتئاب لاستدرار الحب وجلب الدعم والعطف والشفقة من الآخرين، وهذا النوع من التعزيز تتلقاه الأنثى على إظهارها لأعراض الاكتئاب، بينما يخفي الذكور مشاعر الاكتئاب حتى لا يؤثر ذلك سلبا ً على جاذبيتهم الشخصية، ويبين عجزهم في أداء أدوارهم بصفتهم ذكورا ً، وهذا نوع من العقاب الاجتماعي يجعل الذكر يخفي اكتئابه (الزعبي:2005، ص74; معمرية:2000، ص145) 
في حين يرجع بعض الباحثين (2005,Boomsma et al) شعور الإناث بالاكتئاب أكثر من الذكور إلى عوامل عضوية وحيوية وهرمونية، فالذكور عموما ً يميلون إلى الاستجابة لما قد يخبرونه من مشاعر اكتئابية بطريقة أكثر فعالية يكون من شأنها القضاء على هذه المشاعر، بينما يميل الإناث إلى الاستجابة للمشاعر الاكتئابية بطريقة فيها تضخيم وتأمل ذاتي زائد في أسباب هذه المشاعر وأصولها ونتائجها  (61.Greaves-Lord et al,2007,P()الحسانين:2003، ص ص213 -214) (غريب:1988، ص32).

واخيرًا من خلال ما تقدم يمكننا القول إن البحث قد حقق هدفه الرئيس في الكشف عن العلاقة بين كل من القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة وبين الاكتئاب عند المراهقين، ويتميز هذا البحث عن الدراسات السابقة بأنه من الدراسات الأولى التي درست علاقة القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة بالاكتئاب عند المراهقين.


إجراءات البحث:
 1- مجتمع البحث وعينته: يتألف المجتمع الأصلي للبحث من جميع طلاب الصف التاسع - حلقة ثانية من التعليم الأساسي في مدارس مدينة دمشق الرسمية للعام الدراسي (2007-2008) وهو العام الذي ط ُبقت فيه الدراسة. وقد بلغ عدد أفراد المجتمع الأصلي في الصف التاسع (19106). وقد تم اختيار العينة لهذا البحث بالطريقة العشوائية الطبقية "بحيث يكون لكل فرد من أفراد العينة حظوظ متساوية في أن يجري اختياره من بين أفراد العينة، وألا َّ يؤثر اختيار أي فرد بأية صورة من الصور في اختيار فرد آخر" (حمصي:1991، ص ص18-116). وقد تم سحب عينة البحث بنسبة (3%) فبلغ عدد
2- أهمية المرحلة العمرية التي يدرسها البحث، فالاهتمام بمرحلـة المراهقـة مـن  المؤشرات الهامة على تقدم أي مجتمع، فالمراهق هو ثروة المستقبل والذي سـوف تقع على عاتقه مستقبلا ً مسؤولية بناء المجتمع وتقدمه، وشعوره بالقلق والاكتئـاب من شأنه أن يدمر صحته النفسية. 
3- عدم وجود دراسات سابقة عربية حسب معلومات الباحثة تصدت لدراسة القلق في علاقته بالاكتئاب لدى المراهقين، فأغلب الدراسات والبحوث النفسية العربية السابقة قد تركزت حول مرحلة الشباب وأغفلت مرحلة المراهقة.
4- أهمية إجراء دراسة ميدانية حول القلق والاكتئاب لدى المراهقين للاسـتفادة مـن نتائج هذه الدراسة في وضع برامج إرشادية خفيف من الشعور بكلٍ مـن القلـق والاكتئاب لدى المراهقين.     

التعريفات النظرية والإجرائية لمصطلحات البحث:
١- القلق : القلق هي حالة نفسية وفسيولوجية تتركب من تضافر عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية. لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح والخوف أو التردد. 
فالقلق بوصفه حالة: Anxiety State هو خبرة انفعالية غير سارة يعاني منها الفـرد عندما يشعر بخوف أو تهديد من شيء دون أن يستطيع تحديده تحديدا ً واضحا ً، وغالبا ً ما تصاحب هذه الحالة بعض التغيرات الفيزيولوجية كازدياد عـدد ضـربات القلـب وارتفاع ضغط الدم والغثيان وفقدان الشهية وازدياد معدل التنفس والشعور بالاختنـاق وعدم القدرة على النوم العميق، وقد يصاحب القلق بتوتر عضلي وازدياد في النـشاط الحركي وإحساس بتعب عضلي بجانب شعور عام بعدم القدرة على التفكير والتنظـيم وفقدان القدرة على السيطرة على ما يقوم به الفرد من عمل، في حـين تـشير سـمة القلق Anxiety Trait إلى استعداد أو قابلية لـدى الـشخص ثابتـة نـسبيا ً، تدفعـه للاســتجابة للمواقــف المدركــة علــى أنهــا مواقــف خطــرة ومهــددة :2002 La Greca et al لاجريكه وآخـرون ; Dadds & Barrett,2001,P.999) صص3-4; الأحمد2001:صص114-115).
ويتحدد الشعور بالقلق إجرائيا ً في هذا البحث بمجموع الدرجات التي يحـصل عليهـا المراهق المفحوص في اختبار حالة وسمة القلق للكبار STAI من إعداد عبد الرقيـب أحمد البحيري، مكتبة النهضة المصرية 2005.
٢- الإكتئاب : هو اضطراب نفسي يصيب الإنسان بفقدان الإحساس بالمتعة إضافة إلى نقص النشاط والإحساس بالخمول والتعب واضطراب النوم والشهية زيادة أو نقصاناً مع الشعور بضآلة الذات، ولوم النفس.
آخر : ويعرف الاكتئاب بأنه اضطراب نفسي يصاحبه مجموعة من الأعراض الإكلينيكية التي توضح الحالة النفسية والمزاجية للفرد التي تتمثل في الحزن الشديد والإحباط وفتور الهمة وعدم الاستمتاع بأي شيء والشعور بالتعب والإرهاق عند القيام بأي عمل وضعف القدرة على التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات والشعور بالذنب والإحساس بالتفاهة وعدم القيمة وعدم القدرة على النوم وانعدام الثقة بالنفس. 
فالاكتئاب: "هو حالة انفعالية وقتية أو دائمة، يشعر فيها الفـرد بالانقبـاض والحـزن والضيق وتشيع فيها مشاعر الهم والغم والشؤم فضلا ً عن مشاعر القنـوط والجـزع واليأس والعجز، وتصاحب هذه الحالة أعراض محددة متـصلة بالجوانـب المزاجيـة والمعرفية والسلوكية ومنها نقص الاهتمامات، وتناقص الاسـتمتاع بمبـاهج الحيـاة، وفقدان الوزن، واضطرابات في النوم والشهية، بالاضافة إلى سرعة التعب، وضـعف التركيز، والشعور بنقص الكفاءة، والميل للانتحار" (هنديـة:2003،ص ص11-12). ويعرف الاكتئاب إجرائيا ً في هذا البحث بأنه مجموع الدرجات التـي يحـصل عليهـا المراهق المفحوص في اختبار الاكتئاب والذي قامت الباحثة بإعداده  

 ٣- مرحلة المراهقة : المراهقة هي المرحلة التي تنقل الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ، وتحدث في هذه المرحلة مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية، ويمكن جمل هذه التغيرات بتغيرات جسمانية ونفسية وعقلية واجتماعية، كما أن هذه المرحلة تغّير الطفلة إلى امرأة والطفل إلى رجل.

الإطار النظري:
يعد القلق من أكثر المصطلحات الشائعة في مجال علم النفس عموما ً، وفي مجال الصحة النفسية خصوصا ً، فالقلق حقيقة ٌ من حقائق الوجود الإنساني وجانب دينامي هام في بناء الشخصية ومتغير أساسي من متغيرات السلوك، وعلى الرغم من كونه خبرة ً غير سارة يمكن أن تؤدي إلى تصدع الشخصية، إلا أن وجوده بقدرٍ مناسب يعد ضرورة للتكامل النفسي، لأنه يخدم أغراضا ً هامة في حياة الإنسان وينبه الفرد للخطر قبل وقوعه (الجزائري:2004، ص20; الدسوقي:1998، ص1).
ويعرف القلق بأنه" عدم الاستقرار العام نتيجة للضغط النفسي الذي يقع على عاتق الفرد، مما يسبب اضطرابا ً في سلوكه ويصاحبه مجموعة من الأعراض النفسية والجسمية " (عبد الفتاح:2004، ص52).
تشمل الأعراض الجسمية للقلق: الضعف العام، نقص الطاقة الحيوية، توتر العضلات، التعب، الصداع المستمر، العرق، ارتعاش الأصابع، شحوب الوجه، السرعة في نبضات القلب، الدوار، الغثيان، جفاف الفم والحلق، فقدان الشهية، اضطراب النوم، ارتفاع ضغط الدم، اضطراب في التنفس، ضيق الصدر، عسر الهضم وآلام المعدة، بينما تشمل الأعراض النفسية للقلق: القلق العام على الصحة، العصبية، عدم الاستقرار، الخوف، توهم المرض، سوء التوافق، ضعف التركيز، شرود الذهن، الهمم الخوف من الموت، الاكتئاب )غرابة:2003، ص118 ; الأنصاري:2003، ص194 .(Deborah & Samuel,2005,P.18;
ويعد فرويد Freud أول من اقترح أساس نفسي للقلق، فهو يرى أنه يخدم الإشارات والمطالب الصادرة عن الأنا، وللصراعات اللاشعورية دور في ظهوره، هذا وقد ميز فرويد بين ثلاثة أنواع من القلق وهما: القلق الموضوعي والذي يعد قلقا ً سويا ً ويكون مصدره العالم الخارجي، والقلق الأخلاقي الذي يعد نتيجة ً للتفكير بعملٍ ما يمثل انتهاكا ً للسلوك الأخلاقي، والقلق العصابي وهو عبارة عن خوفٍ غامض غير مفهوم فهو رد فعل لخطر غريزي داخلي، لا يمكن معرفة سببه (صالح:2003، ص ص82-83 ;  أبو الهدى:2006، ص ص40-41 ; الببلاوي: بدون عام، ص5).
في حين ترى هورني Horney أن القلق استجابة انفعالية موجهة إلى المكونات الأساسية للشخصية، وتعتقد أن البيئة التي يعيش فيها الفرد تسهم في نشأة القلق لما بها من تعقيدات وتناقضات، بينما ينجم القلق عند ادلر Adler في محاولة الفرد التحرر من الشعور بالنقص ومحاولته الحصول على التفوق(عثمان:1993، ص39; صالح:2003، ص84).
هذا وقد ميز كاتل وسبيلبرجر Katell & Spielberger بين نوعين من القلق وهما: 
حالة القلق Anxiety State وسمة القلق Anxiety Trait ، ويستند البحث الحالي إلى تعريف سبيلبرجر للقلق، حيث قسم القلق إلى نوعين: حالة القلق وتشير إلى خبرة وقتية متغيرة ومرحلية متعلقة بشعور الفرد بأنه مضطرب، وسمة القلق وتشير إلى ميل أو تهيؤ أو سمة ثابتة نسبيا ً في الشخصية (عبد المعطي ودسوقي:1993، ص8 ; خليل:1994، ص ص205-206; دسوقي:1995، ص22)
ويرى سبيلبرجر أن الشخص الذي يتصف بمستوى عالٍ من النزوع أو التهيؤ للقلق، يكون مهيئا ً لأن يدرك أخطارا ً دائمة في علاقته بالآخرين، تتضمن هذه الأخطار غالبا ً تهديدات لتقديره لذاته، ويستجيب الفرد لهذه التهديدات بمستوى كبير من حالة القلق،  وذلك أكثر من الشخص الذي يتصف بمستوى منخفض من سمة القلق، فحالة القلق تعني رد فعل لما نعيشه من مواقف في زمنٍ محدد، في حين إن سمة القلق تعني ما هو كامن ومتأصل في نفوسنا (الأنصاري:2004، ص340).

أما عن تفسير العلاقة بين كل ٍمن القلق والاكتئاب، فقد اختلفت الدراسات والبحوث الإكلينيكية كثيرا ً، فبعضها قد وجد أن هناك تداخلا ً وعناصر مشتركة بين هذين الاضطرابين، وبعضها الآخر قد أكد على كونهما اضطرابين مختلفين لهما أعراض مختلفة، ولكن بعض الإكلينكيين يرون أن القلق يتطور بشدة ليصبح اكتئابا ً، ويؤكدون هذا الرأي بقولهم أن القلق يقترن بصورة متكررة بالاكتئاب. Comer, 1992 -Whitbourne & Halyin, 1991 - Wolman & Stricker, 1990 1997,Silverstein&Blumenthal)اليماني:2004،صص124-125).

كما يوضح أحمد عكاشة 2003 أن من أهم الأمراض التي تصاحب القلق: الاضطرابات العصابية مثل الاضطرابات الهستيرية والاكتئابية وزملة التعب المزمن وعصاب الحوادث والتوهم والاضطرابات الذهانية ومنها: اضطراب الاكتئاب الرئيسي (عكاشة:2003، ص137).





حدود البحث:-

١- حدود بشرية:
 تم إجراء البحث على عينة من تلاميذ الصف التاسـع مـن التعلـيم  الأساسي في مدارس مدينة دمشق الرسمية للعام الدراسي (2007-2008).
٢- حدود مكانية: 
عينة مسحوبة من مدارس مدينة دمشق الرسمية للتعلـيم الأساسـي (حلقة ثانية)
٣- حدود زمانية: 
استغرق تطبيق البحث 4 أسابيع في الفترة الواقعة بين 2008/3/12  و2008/4/16.
٤- حدود علمية: 
عنوان البحث: القلق وعلاقته بالاكتئاب عند المـراهقين دراسـة ميدانية ارتباطية لدى عينة من تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي في مدارس مدينة دمشق الرسمية. متغيرات البحث: المتغير المستقل القلـق والمتغيـر التـابع الاكتئاب، عينة البحث: بلغت 655 طالبا ً وطالبة. أداوات البحث: اختبـارا القلـق (حالة وسمة) والاكتئاب.


فرضيات البحث: 
يحاول البحث اختبار الفرضيات التالية:
 لا يوجد ارتباط دال إحصائيا ً بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سـمة وبـين الاكتئاب لدى تلاميذ الصف التاسع من التعليم الأساسي لا يوجد ارتباط دال إحصائيا ً بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سـمة وبـين الاكتئاب لدى التلاميذ الذكور في الصف التاسع من التعليم الأساسي. 
٣- لا يوجد ارتباط دال إحصائيا ً بين القلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سـمة وبـين الاكتئاب لدى التلميذات الإناث في الصف التاسع من التعليم الأساسي.
 4- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في الشعور بالقلق بوصفه حالة والقلق بوصفه سمة. 
5- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في الاكتئاب.
هذا وقد تعددت آراء علماء النفس في تفسير أسباب حدوث الاكتئاب، فهناك النظرية  البيولوجية والتي ترى أن الخبرات الانفعالية تؤثر على النشاط الكيميائي للدماغ ومن ثم  فالمشاعر والأفكار والسلوك قد تتغير تبعا ً للتغيرات الكيميائية في الدماغ، ويفترض الباحثون أنه في حالة الاكتئاب تكون المواد الكيميائية العصبية مثل: السيروتونين والدوبامين Serotonin, Dopamine ناقصة في الدماغ، وهذا النقص هو ما يسبب الشعور بالاكتئاب، في حين ترى النظرية التحليلية والتي تعد من أوائل النظريات التي شغلت بتفسير الاكتئاب والبحث عن أسبابه، وعلى رأسها فرويد أن الاكتئاب يحدث نتيجة ً لفقدان موضوع الحب سواء بالموت أو الهجر أو الخسارة، فالخبرات الضاغطة الصدمية، التي يواجهها الفرد في السنوات المبكرة من عمره، قد تجعله مستهدفا ً بشكل أساسي للاكتئاب، بينما تعد النظرية السلوكية أن الاكتئاب ينجم عن تدني مستوى التدعيم الإيجابي وارتفاع مستوى الخبرات السلبية غير السارة، في حين تشير النظرية المعرفية وعلى رأسها بيك 1976,Beck أن التشويه المعرفي لدى المكتئبين في خبرات الفشل والنجاح، وتحريف الإدراك والذاكرة، إذ ينخفض نسيان الأحداث السلبية المرتبطة بالتوقعات السلبية وبالشعور بعدم السرور واللذة، ويكثر نسيان الأحداث الإيجابية المتعلقة بالمتعة والسعادة. 
(اليحفوني:2003،  ص127- 130 عبد اللطيف:1997، ص ص45- 50).ويعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا ً، حيث بينت الإحصائيات الصادرة عن المعهد القومي الأمريكي للصحة النفسية عام 1981 أن الاكتئاب بأنواعه المختلفة في مقدمة الاضطرابات النفسية من حيث الانتشار، ويذكر أحمد عبد الخالق وسامر رضوان 1999 أن هناك دليلا ً متزايدا ً على ارتفاع نسبة الاكتئاب لدى طلاب المدارس في سوريا، وأن النسبة أعلا بين المراهقين وبخاصة عند البنات. 
إجراءات الدراسة: 

منهج البحث:

اقتضت طبيعة الدراسة في هذا البحث الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي والـذي "يهدف إلى جمع أوصاف علمية دقيقة للظاهرة موضوع الدراسة في وضعها الـراهن وإلى دراسة العلاقات التي توجد بين الظاهرات المختلفة" (زهران: 1977،ص 29).


٢- أدوات البحث: 
تم الاعتماد في هذا البحث على اختبارين:
1- اختبار حالة وسمة القلق للكبار STAI: 
وهو من تأليف شارلز د. سبيلرجلر، ريتشارد ل. جورسش وروبرت ى. لوشين .Charles D. Spielberger, Richard L Gorsuch & Robert E. Lushene،1983 , إعداد عبد الرقيب أحمد البحيري،

ويتكون الاختبار من صورتين منفصلتين:  صورة اختبار حالة القلق ويرمز لها بالرمز (ط 1) وتتألف من 20 عبارة يطلب فيها من المفحوصين وصف ما يشعرون به بوجه عام، وصورة اختبار سمة القلق ويرمز لها بالرمز (ط 2) وتتألف من 20 عبارة أيضا ً، ولكن تتطلب تعليماته من المفحوصين الاستجابة عما يشعرون به في لحظة معينة من الوقت، ويستجيب المفحوص على كل عبارة من عبارات الاختبار بوضع علامة (X) داخل دائرة أمام أحد الاختيارات الأربعة المتفاوتة في الشدة (مطلقا ً، قليلا ً، أحيانا ً، كثيرا ً) وتتراوح قيمة الدرجات على الاختبار من 20 درجة كحد أدنى إلى 80 درجة كحد أقصى لكل صورة من صورتي اختبار حالة وسمة القلق. و تم حساب ثبات الاختبار بطريقة إعادة الاختبار فقد طبق الاختبار على عينة استطلاعية مؤلفة من (60)طالبا وطالبة. 
2- اختبار الشعور بالاكتئاب لدى المراهقين: وقد قامت الباحثة بإعداده وذلك بالرجوع إلى الاختبارات التالية: مقياس الاكتئاب   ( Idd)للصغار CDI إعداد غريب عبد الفتاح غريب، دار النهضة العربية، القاهرة (1995) قائمة بيك للاكتئاب تأليف آرون بيك وروبرت ستير، الإسكندرية (1996) قائمة تشخيص الاكتئاب )
ولحساب صدق الاختبار فقد اعتمدت الباحثة نوعين من الصدق: (صدق المحكمين+ الصدق الذاتي)
مجمع البحث: كلية التربية جامعة دمشق. 


وفي الختام، نتمنى أن نكون قد تناولنا البحث كما يجب،
واننا إن كنا قد أصبنا وأحسننا فمن الله، وإن كنا قد أخطأنا فمن أنفُسِنا ومن الشيطان، والحمد لله في الختام... 



المراجع:- 
- المصطلحات مرجع من كتب لعلم النفس. 
- البحث :



بحث  لمقرّر مناهج البحث العلميّ ..
إعداد الطالبات: 
أميرة الخطيب.
تخصُّص علم النفس
.....
إشراف الدكتورة الفاضلة:
د.سهام رمضان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق